يَحكي عَبدُ اللهِ بنُ مَسْعود رضي الله عنه أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لَعَنَ “الواشِماتِ”: جَمْع واشِمة، والوَشْم: وهو أنْ يُغرَزَ عُضوٌ مِن الإنسانِ بِنَحوِ الإبْرةِ حَتَّى يَسيلَ الدَّمُ، ثُمَّ يُحْشى بِنَحوِ كُحْلٍ فَيَصيرُ أخْضَرَ، والمُتَوشِّمات: جَمع مُوتَّشمة، الَّتي يُفْعَلُ بِها ذَلِكَ. ولَعَنَ اللهُ “الْمُتَنَمِّصاتِ”: جَمْع مُتَنَمِّصة، الطَّالِبة إزالة شَعَرِ وجهِها بالنَّتفِ ونَحْوِه، وهو حَرامٌ؛ إلَّا ما يَنبُت بِلِحيةِ المَرأةِ أو شارِبِها. ولَعَنَ اللهُ “الْمُتَفَلِّجاتِ”: جَمْع مُتَفَلِّجة، وهي الَّتي تَفرُق ما بَينَ ثَناياها بالْمِبْرَدِ إظهارًا لِلصِّغَرِ وهي عَجوزٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكونُ لِلصِّغارِ غالِبًا لِلحُسنِ، أي: لِأجْلِ التَّحسينِ؛ لِمَا فيه مِن التَّزويرِ. الْمُغيرات خَلْق اللهِ، وهو صِفة لازِمة لِمَن تَصنَع الوَشْمَ والنَّمْصَ والفَلْجَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأةً مِن بَني أسَد يُقالُ لَها أُمُّ يَعْقوبَ، فَجاءَت إلى ابنِ مَسْعود رضي الله عنه، وقالَت لَه: إنَّه بَلَغَني أنَّك لَعَنتَ كَيْت وكَيْت، فَأَجابَها ابنُ مَسْعود رضي الله عنه: وما لي لا أَلْعنُ مَن لَعَنَ رَسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلَّم، ومَن هو في كِتابِ اللهِ، أي: ما لي لا أَلْعنُ مَن هو في كِتابِ اللهِ مَلْعون. فَقالَتْ أُمُّ يَعْقوبَ: لَقَدْ قَرَأتُ ما بَيْنَ اللَّوحَيْنِ، أي: دَفَّتَي المُصْحَفِ، فَما وجَدتُ فيه ما تَقولُ مِن اللَّعنِ. فَقالَ: لَئِنْ كُنتِ قَرَأتيه لَقَد وَجَدْتيه فيهِ، أما قَرَأتِ {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قالَتْ: بَلى قَرَأتُه، فَقالَ ابنُ مَسْعود رضي الله عنه: فَإنَّه صَلَّى الله عليه وسلَّم قَد نَهى عنه. فَقالَتْ أُمُّ يَعْقوبَ لِابنِ مَسْعود رضي الله عنه: فَإنِّي أرى أهْلَكَ، أي: زَيْنَبَ بِنتَ عَبدِ اللهِ الثَّقَفيَّةَ، يَفعَلونَه، فَقالَ ابنُ مَسْعود رضي الله عنه لَها: فاذْهَبي إلى أهْلي فانْظُري، فَذَهَبَتْ إلَيها فَنَظَرَتْ فَلَم تَرَ بِها مِن حاجتِها الَّتي ظَنَّت أنَّ زَوجَ ابنِ مَسْعود رضي الله عنه كانَتْ تَفعَلُه شَيئًا، فَعادَت إلَيه وأَخْبَرَتْه، فَقالَ: لَو كانَت، أي: زَيْنَبُ، تَفعَل الَّذي ظَنَنْتِه ما جامَعَتْنا، أي: ما اجتَمَعَت مَعَنا.
في الحَديثِ: لَعنُ أهلِ المَعاصي عَلى سَبيلِ العُمومِ.
عدد التعليقات: 10